ماذا يحدث داخل الجسم عند هبوط السكر؟

 إذا عجز الجسم عن توفير الكميات اللازمة من السكر (غلوكوز) عن طريق الطعام لتزويد الخلايا بالطاقة من خلاله - خاصة إذا ما ارتفع مستوى الأنسولين المسؤول عن موازنة مستوياته (أي السكر) -  تعجز أعضاء الجسم عن العمل بكفاءة، فالجسم مُزود بآلية بديلة تُساعد في الحالات الطبيعية على الحفاظ على مستويات السُكر الطبيعية، وذلك عن طريق الكبد الذي يُطلق الغلوكاغون لتعويض النقص من خلال السُكر المخزن، لكن مرضى السكري يُعانون من خللٍ في آلية عمل توزيع السكر في الدم وطريقة استهلاك الخلايا له.

عندما ينخفض معدل السكر في الدم، تبدأ الأعراض الأولى لنقصه بالظهور، وذلك لعدم قدرة أعضاء الجسم بالتزود بحاجتها من الطاقة، يدخل الجسم في حالة شبيهة للغاية بما يشعر به الأشخاص عند الخوف بسبب إفراز الجسم للأدرينالين، لهذا تتشارك الكثير من الأعراض بين انخفاض السكر والخوف كالرعشة وتسارع دقات القلب والتعرق،  إلى أن يصل ذلك إلى الدماغ الذي يحتاج لمصدر متواصل من السكر للعمل، وكلما أصبحت كمية السكر قليلة، أصبحت أعراضه أكثر حدة، وقد يُصاب المريض إذا لم يتم التدخل بالإغماء والموت دون تدخل فوري.

ما السبب في هبوط السكر؟

عندما تستخدم الأنسولين أو أقراص الدواء لموازنة نسبة السكر في الدم، قد يعمل ذلك على خفض مستوى السكر أكثر من اللازم، ما يُحدث أثرًا عكسيًا، خاصة إن قمت بتجاوز إحدى الوجبات أو باعدت بينها بشكلٍ كبير، كما قد يرجع السبب بشكلٍ أساسي لأخذ جرعة مضاعفة من الدواء، وقد يحدث ذلك عند بعض المرضى رغبة منهم في تعويض جرعة منسية خلال اليوم، أو أخذ الدواء في غير موعده أو دون الأكل.

كما قد يُعاني بعض المرضى من هبوط السكر بسبب أدوية آخرى، أو أمراض كالقصور الكلوي أو تأثر البنكرياس، مع عامل العمر طبعا.

لا يُعد انخفاض السكر بالمسألة الغريبة في الحالات التي يكون فيها المريض صائمًا، إذا اتبع بعض الأنظمة الغذائية، أو مارس الرياضة أو مجهودًا متطلبا أكثر من المعتاد، فانخفاض السكر حالة طبيعية ، لكنها تُصبح أمرًا يحتاج لتدخل مختلف عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري.

أعراض هُبوط السكر في الجسم

 تختلف أعراض هبوط السكر عند المرضى كما تختلف حدتها نتيجة عوامل كثيرة 

- شعور عام بالإعياء.

- الشعور بالجوع.

- التعرق.

- عدم انتظام دقات القلب (تسارع).

- الرعشة.

- تشوش في الرؤية.

- نوم مرتبك.

- ارتباك عام وعجز عن أداء المهام.

وقد تصل الأعراض في حالاتها المتقدمة عند هبوط السكر بشكلٍ حاد لمُضاعفات خطيرة، وقد تقود للغيبوبة وحتّى الموت، لذا توجب أخذها بجدية بالغة، خاصة لمرضى النوع الأول (الذين يأخذون الأنسولين عن طريق الحقن) وتوجب توفير الرعاية لمن هم في سنٍ صغيرة أو لكبار السن.

 كيف تنتبه وتتجنب هبوط السكر في الدم؟

إن كُنت ممن يأخذون علاجًا لمرض السكري عن طريق الأنسولين فقط، فأنت أكثر عرضة من غيرك لهبوط السكر فخذ حذرك. حدث طبيبك بخصوص ما عليك القيام به إذا نسيت أخذ دوائك أو انخفض السكر مباشرة عند التشخيص بالسكري.

 تبدأ الخطوة الأولى بمعرفة كل الأعراض المحتملة لحالتك. كن جاهزًا للتعامل مع هبوط مستوى السكر في أي وقت، راقب حالتك باستمرار خاصة إن كنت وحيدًا. قد تلاحظُ تحسنًا في حدة نوبات انخفاض السكر في الدم لديك، أو العكس، أو في تكرارها، راقب ذلك وحدث طبيبك عنه للحصول على النصائح والمساعدة.

راقب مستويات السكر عندك بشكل دوري، حتّى وإن كانت الأعراض التي تظهر عليك خفيفة، أو لا تشعر أن لها علاقة بمرضك، سيحميك ذلك من أي مضاعفات محتملة، اعلم أن هبوط السكر أمر طبيعي، راقب الأعراض، إذا شعرت بأيٍ منها، فسارع بقياس مستوى السكر بالأجهزة المُناسبة لذلك،  توقع هبوط السكر إذا كُنت لسبب ما ستُباعد بين الوجبات، أو ستتجاوز واحدة، خاصة إن كنت صائمًا ولم يمنعك طبيبك من ذلك، كما أن ممارسة الرياضة أو أي نشاطٍ مجهد وبشكلٍ غير مألوف سيتسبب في هبوط السكر.

تعاملك مع السكري هو أول خطوة للتعامل الصحيح من نوبات هبوط السكر، ستُؤثر عاداتك بشكلٍ مباشر عليها وعلى حدتها، خذ كل وجباتك في وقتها، وكذلك دواءك، في حالة النسيان، لا تقم بتعويض ذلك بجرعات مضاعفة، خذ دواءك قريبًا من موعده إذا تذكرت، أو خذ الجرعة التالية مباشرة في وقتها، أمّا حقنة الأنسولين، فطبيبك سيُعطيك النافذة التي يُمكنك خلالها أخذها إذا نسيت، لكن ستحتاج لمعرفة ماذا تفعل إذا نسيت قبل حصول ذلك، فعدم أخذك للأنسولين قد يكون خطرًا للغاية.

بعد تجاوز نوبة هبوط السكر، قم بمراجعة نشاطك قبل ذلك، سيُساعدك ذلك بشكلٍ كبير على عدم تكرار المُسببات مستقبلًا، كما أنها ستفيد طبيبك لاستبدال جدولك أو تغيير خطتك العلاجية وجرعات الدواء التي تأخذ.

هبوط سكر بدون أعراض؟

قد يُعاني البعض من هبوط في السكر دون ظهور أية أعراض. هنا تكمن أهمية قياس السكر بشكلٍ دوري، خاصة كما ذكرنا سابقًا، عند الصوم، أو تجاوز الوجبات، أو أخذ وجبات متباعدة بشكلٍ كبير، ممارسة الرياضة أو القيام بمجهود بدني واضح، حتّى وإن لم تشعر بأية أعراض، أو اعتبرت أعراض الإعياء طبيعية، قُم بقياس السكر.

قد يستدعي الأمر لمن يُعانون من حالة كهذه استخدام أجهزة مراقبة للسكر تُفيد في معاينة مستوياته بشكلٍ متواصل وفي أي وقت، كما تُعتبر ساعات اليد المخصصة لمرضى السكري وسيلة حديثة  لأداء نفس الوظيفة.

ماذا تفعل عن هبوط السكر؟

يتطلب التعامل مع نوبات هبوط السكر إجراءات مختلفة حسب حدّتها، غالبًا، يمكن التحكم سريعًا في المشكلة باستهلاك مقدار بسيط (15 غرامًا كما يُوصي به الأطباء) من الكربوهيدرات سريعة الامتصاص، سواء كانت قطعة حلوى أو ملعقة كبيرة من العسل أو السكر أو سكاكر أو عصير فواكه أو مشروبًا غازيًا، والانتظار لربع ساعة لقياس معدل السكر، وأخذ نفس المقدار مُجددا إذا لم تتحسن الأعراض.

الإفراط في أكل السكر عند هبوط معدلاته أمر سيء، خاصة إن كانت الأعراض خفيفة، أبقِ مصدرًا للسكر معك، حتّى وإن كُنت تظن أنك لست بحاجة إليه، يُمكن للطبيب أن يصرف لك حبوب الجلوكوز التي تُؤخذ عن طريق الفم، التي ستُؤدي نفس الوظيفة.

في الحالات المتقدمة لهبوط السكر، قد يُصاب المريض بالإغماء، أو يدخل حالة من التشويش يُصبح فيها غير قادر على الاعتناء بنفسه، لذا من المهم على مرضى السكري، خاصة لمن يتعرضون لنوبات هبوط سكر حاد، أن يطلعوا أقرباءهم بطريقة التصرف في حالات كهذه، وحمل بطاقة تُساعد الأشخاص الراغبين في المساعدة أو المسعفين، على التدخل بالشكل الصحيح، فقد يحتاج شخص آخر لحقن المريض الغلوكاغون الذي يُساعد على تحفيز إفراز الغلوكوز .

إن كنت تعرف أو تعتني بشكلٍ شخصي بأحدٍ مريض بالسكري، فاطلع على قائمة الأعراض، وساعده على قياس السكر بالشكل الصحيح، ابق هادئًا إذا ما واجه نوبة هبوط للسكر، وحاول التصرف حسب حدة الأعراض، إذا عجزت عن ذلك، فاطلب المساعدة، أمّا في حالة الإغماء، فاطلب المساعدة بشكلٍ عاجل. 

علاقة هبوط السكر بصحة الجسم

جميع مرضى السكري يُعانون بشكلٍ ما من هبوط السكر، تختلف حدّته فقط وأعراضه، حتّى وإن لم يكن العمر هو المؤثر الرئيسي على مرض السكري وكذلك الأعراض المتعلقة بهبوط السكر، فإنّ التقدم في العمر يُضيف تحديات إضافية، من المهم الحفاظ على وزنٍ صحي ثابت، واتباع نظام غذائي صحي، ذلك سيجعل التعامل مع السكري سهلًا أكثر، كما أنه قد يجعل حدّة نوبات هبوط السكر تتراجع بشكلٍ كبير عند التقدم في السن.

العلاقة بين هبوط السكر وصحة الجسم علاقة تسير في الاتجاهين، التهاون في التعامل مع هبوط السكر واتخاذ الإجراءات لتقليص حدة نوباته وتكرارها، قد يؤدي لضررٍ مباشر على الدماغ وأعضاء الجسم، بما فيها تأثر القلب والأوعية الدموية، كما أن عدم الاعتناء بصحة الجسد، وإهمال ممارسة الرياضة ونصائح الطبيب، قد تؤدي لظهور مضاعفات تجعل هبوط السكر أمرًا سهل الحدوث، خاصة لمن يُعانون من أمراضٍ قد تؤدي الأدوية التي تُستخدم لعلاجها في التأثير على نسبة السكر في الدم.

التعامل مع هبوط السكر جزء مهم من عملية التعايش مع مرض السكري، وباعتباره مرضًا مزمنا منتشرًا، فلا بد من أن تكون عند العامة معرفة بأعراضه وأعراض انخفاض السكر في الدم، وطريقة التعامل معه، فمعلومة بسيطة، قد تنقذ حياة شخصٍ ما.

هل استفدت من هذا المحتوى؟
شارك الموضوع